تحويلات الأجانب- حرية بلا ضوابط واستنزاف للموارد؟
المؤلف: خالد السليمان08.07.2025

@K_Alsuliman
في عام ٢٠١٦، وصلت قيمة تحويلات العاملين الأجانب إلى رقم مهول قدره ١٣٨,٤ مليار ريال سعودي. تجدر الإشارة إلى أنه لا تفرض أي قيود أو رسوم على هذه التحويلات المالية الضخمة، ولا يوجد ما يشير إلى أن هذا الوضع سيتغير قريبا. فقد صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة المالية، ردا على استفسار صحفي بشأن إمكانية فرض رسوم على تحويلات العمالة الأجنبية إلى الخارج، بأن المملكة العربية السعودية ملتزمة تماما بمبدأ حرية حركة رؤوس الأموال، بما في ذلك التحويلات المالية من وإلى المملكة، وذلك تماشيا مع التوجهات الدولية السائدة!
في واقع الأمر، تختلف التوجهات الدولية من دولة إلى أخرى، ولا توجد معايير موحدة في هذا الشأن. ففي معظم الدول ذات الاقتصادات الحرة، تستفيد الحكومات بشكل كبير من الضرائب المفروضة على الاستثمارات الأجنبية، وأرباح الشركات، وعمليات بيع العقارات. وبالتالي، تحصل هذه الحكومات على نصيبها من العائدات مقدما، حتى وإن كانت تمنح رؤوس الأموال حرية التنقل والحركة!
على النقيض من ذلك، فإن التحويلات المالية غالبا ما تكون مقيدة وتخضع لضوابط عديدة، ولا تتمتع بحرية مطلقة. في هذا السياق، يروي لي أحد الأقارب تجربته الشخصية في فرنسا، حيث قضى سنوات طويلة في دراسة الماجستير والدكتوراه، ولكنه اضطر في نهاية المطاف إلى شراء سلع ومنتجات من فرنسا لتأثيث منزله الجديد في الرياض، وذلك لأنه لم يتمكن من تحويل رصيده النقدي بسبب القيود الصارمة المفروضة على التحويلات المالية. وفي سياق مماثل، أعرب مستثمرون سعوديون في مصر عن استيائهم الشديد من الصعوبات البالغة التي واجهتهم في محاولاتهم لإخراج أموالهم من مصر بعد دخولها!
في المقابل، لدينا في المملكة العربية السعودية، يستطيع أي وافد أجنبي التوجه ببساطة إلى أحد محلات الصرافة وإجراء تحويلات مالية بأي مبلغ يريده، دون أدنى عائق أو مانع. ولا أقصد هنا بالطبع مرتبات العاملين وأجورهم التي يكسبونها بجهدهم وعرق جبينهم، بل أشير تحديدا إلى أرباح الأعمال التجارية والاستثمارية التي تستنزف موارد الدولة وتفرض ضغوطا هائلة على الخدمات المدعومة المقدمة للمواطنين. والأدهى من ذلك، أن هذه الأموال ليست بالضرورة أموالا تم استقطابها من الخارج، بل هي أموال تم تحقيقها من خلال ممارسة أنشطة تجارية واستثمارية داخل المملكة، وجني أرباح طائلة دون أن تفرض عليها أي ضرائب أو رسوم. بل إن المجتمع السعودي يتحمل في بعض الأحيان ضريبة "الجشع" المتفشي لدى بعض المستثمرين الأجانب!